حين يصبح اسمك هويتك… دعوة لإعادة الاعتبار للذات على منصات التواصل
نشر بتاريخ: 2025/12/05 (آخر تحديث: 2025/12/05 الساعة: 22:46)

في زمنٍ صار فيه التواصل الإنساني يمر عبر شاشة صغيرة، لم يعد الاسم والصورة مجرد تفاصيل جانبية، بل تحوّلا إلى بطاقة هوية رقمية نطلّ بها على العالم ونقدّم من خلالها أنفسنا للآخرين. ومع ذلك، ما يزال كثيرون يختبئون خلف أسماء مستعارة وصور لا تشبههم؛ أسماء لا تعكس أصحابها، وصور أطفال أو مناظر طبيعية أو رموز عابرة، وكأن الإنسان يغيب عن ذاته طوعًا، ويستبدل حضوره بظلّ لا ينتمي إليه.

إن الاسم العربي الحقيقي ليس مجرد حروف تُكتب، بل ذاكرة وجذور وانتماء. كتابته بوضوح تعني أن صاحبه يقول بثبات: “هذا أنا… كما أنا”. أما التخفي خلف لقب مبهم أو اسم مزخرف، فيجعل حضور صاحبه باهتًا، ويضع مسافة لا لزوم لها بينه وبين الآخرين.

والصورة الشخصية تُعدّ أيضًا جزءًا أساسيًا من الهوية الرقمية. فالإنسان لا يتعرف إلى إنسان من خلال صورة طفل، ولا من خلال رمز أو زهرة أو منظر صامت. صورتك هي توقيعك البصري، وهي أول انطباع تقدمه قبل أي كلمة تكتبها. وحين تستبدل صورتك بصور الآخرين—even بدافع المحبة—فأنت تربك الهوية وتبخّر حضورك الحقيقي.

الحضور باسم واضح وصورة حقيقية يعزز الثقة، ويضع أساسًا متينًا للعلاقة، ويمنح التواصل دفئه وإنسانيته. أما الاختباء خلف الرموز فيُنتج علاقة باردة، ويحوّل الشخص إلى ملف غامض لا ملامح له.

وبينما يحق للمؤسسات والشركات استخدام شعاراتها كهوية مهنية، يبقى الأفراد معرّفين بوجوههم وأسمائهم. لا الشعار يمثلهم، ولا صورة طفل يمكن أن تعرّف عنهم أو تحمل ملامحهم للعالم.

إن اعتماد اسمك الحقيقي وصورتك الحقيقية ليس مجرد خيار تقني؛ إنه احترام للذات قبل أن يكون احترامًا للآخرين. هو إعلان وجود صريح في عالمٍ يمتلئ بالوجوه الغائبة والهويات المموّهة. حين تكتب اسمك كما هو، وتُظهر صورتك كما أنت، فإنك تمنح نفسك حضورًا واضحًا، وتمنح الآخرين فرصة للتواصل معك بصدق وبدون حواجز.

اسمك لك… وصورتك لك… وظهورك الحقيقي هو أول خطوة نحو علاقة صادقة وحضور إنساني واضح في فضاء رقمي أصبح مزدحمًا بالظلال.