يوم المعلم الفلسطيني
نشر بتاريخ: 2025/12/15 (آخر تحديث: 2025/12/15 الساعة: 21:48)

هذا المقال للمعلم والمعلمة الفلسطينية، للمربي والمربية، للزارع والزارعة في كل جيل، وكل شبل وكل زهرة، ولمن على أيديهم نبت الوعي والإدراك والمعرفة، ولكل من كان له الفضل في تتابع الأجيال عبر المسيرة الطويلة بإسهامات لا حدود لها، ومثابرة دائمة، وعطاء لا محدود مهما كانت الصعاب ومهما بلغت العراقيل. حتى في الحقول الوعرة كان المعلم الفلسطيني يبدع في الزرع وفي تفانيه الدائم، ليعيد التوازن في كل مرحلة، فدوره لم يكن منصبًا على التعليم فحسب، بل على زيادة منسوب الوعي والتربية الوطنية ومقاومة الاحتلال من خلال زرع بذور الحرية التي نمت سنابل منتصرة، تعرف طريقها وتبني الأمجاد في أرض الأجداد.

هذا المقال لكل معلم ومعلمة أخذت على عاتقها حمل رسالة التعليم في ظروفنا الفلسطينية المستحيلة، هذه الرسالة التي هي معيار حق، وميزان عدل، ونور ينير درب الطريق. وأمام جملة التحديات عبر سنوات طويلة وعقود متصلة، بقي المعلم الفلسطيني الأكثر حرصًا على تأدية الأمانة التي حملها وأورثها للأجيال، حتى صار شعبنا الفلسطيني من أكثر شعوب العالم علمًا وتعليمًا، بصفر أمية وبمئة بالمئة في التعليم. وها نحن نشهد ازدهار الجامعات والمعاهد رغم ظروف الواقع، ورغم كل عوامل التجهيل المتبعة من قبل الاحتلال، إلا أن الازدحام في المعاهد والجامعات يثبت أن شعبنا يتطلع لمزيد من العلم والمعرفة، وإن كانت البطالة في صفوف المتعلمين في ازدياد جراء عوامل عديدة، من بينها سياسة الاحتلال والاستيطان والحواجز والفصل العنصري.

هذا المقال للمعلم والمعلمة الفلسطينية في غزة، بعد أن هدمت آلة الحرب جميع المدارس وقصفت الغرف الصفية، وبعد أن قضمت حرب الإبادة أرواح الطلبة، سواء طلبة المدارس أو الجامعات، كما قتلت هذه الحرب خيرة المعلمين والمعلمات حملة الشهادات العليا والمتوسطة، وكانت المدارس والجامعات هدفًا من أهداف القصف، فلم تسلم مدرسة ولا جامعة، إلا أن المعلم في غزة لم ييأس، رغم الظرف القاهر والجوع والبرد والفقد، بل نراه كيف ينتهز كل أوقات وقف الحرب فينشئ بين الخيام خيمة تعليمية، ونرى الطلبة ينتظمون في صفوف داخل الخيام في محاولة تعويض ما فاتهم من علم ومعرفة، وهذا ليس بجديد على الفلسطيني، فكل الشواهد التاريخية تفيد بأن أول ما أقامه الفلسطيني أبان النكبة الكبرى عام 1948 في مخيمات اللجوء والشتات كانت المدارس.

هذا المقال تلويحة احترام وتقدير لكل المعلمين الذين أسهموا ويسهموا في بناء الأجيال وبناء الإنسان الفلسطيني الوطني الحر.