كوابح المرحلة الثانية الكثيرة .. والدوافع ..!
نشر بتاريخ: 2025/12/21 (آخر تحديث: 2025/12/21 الساعة: 15:22)

لا يحدد الوسطاء وحدهم مسار القادم، فقد جُرّبوا على امتداد سنتين من الحرب ولم يمتلكوا قوة التأثير.

فقط توقفت الحرب عندما رفع أحد أطرافها رايته البيضاء، المقصود حركة حماس، موافقاً على تسليم السلاح، وهذا أمر طبيعي ارتباطاً بنتائج الميدان الذي تجسدت فيه وحشية لا حدود لها.

لم تكن حماس تملك من القوة ما يمكن أن يحقق الحد الأدنى من التوازن فكانت النتيجة.

بعد أن انتهت المرحلة الأولى التي تمددت من 72 ساعة كما نصت خطة ترامب الأصلية إلى 72 يوماً، وتمتد الآن معلقة على تسليم آخر جثة إسرائيلي في غزة، وتلك واحدة من مؤشرات عديدة باتت تشكل قلقاً للوسطاء الذين اعتقدوا أن الأمر يمكن أن يسير بمرونة، لكن أخذ يظهر لدى الطرفين المعنيين بالدرجة الأولى «إسرائيل وحماس» قدر من الملاحظات والرغبة بإجراء تعديلات تشي برغبة بتفسير المرحلة الثانية وفق رؤى متباعدة تهدد بالعودة إلى نقطة الصفر.

تحظى إسرائيل بالنصيب الأكبر من كوابح المرحلة الثانية. فمن يراقب التصريحات الإسرائيلية والسلوك المرافق لها على الأرض يدرك تماماً أن إسرائيل ليست معنية بالانتقال للمرحلة الثانية، أو أنها تريد مرحلة ثانية بتصور يبقي سيطرتها على القطاع بما يخالف الخطة نفسها.

وهو ما أشير له بالرغبة بإجراء تعديلات لكن بالعودة للمؤشرات التي بلا شك تجعل القلق مسألة مشروعة لدى الوسطاء.

تربط إسرائيل الانتقال لتلك المرحلة بتسليم جثة محتجز رغم يأس الفصائل من الوصول لها، ورغم أن الكابينت عقد في تشرين الأول الماضي للإجابة عن سؤال: إذا كانت جثث لا تعرف عنها حماس ولم نتسلمها ما هو السلوك المطلوب عسكرياً؟

وكذلك الرفض الإسرائيلي للمشاركة التركية في قوة الاستقرار الدولية واستمرار الهدم في المناطق شرق الخط الأصفر كأن إسرائيل تريد البقاء في تلك المنطقة، وكذلك استمرار القتل والخروقات ومنها قتل الرجل الثاني في الجناح المسلح لحماس وكان يمكن أن يتسبب اغتياله بتفجير الأوضاع لو قامت حماس بالرد، وأيضاً التشكيك بقدرة قوة الاستقرار على نزع سلاح حماس والحديث عن أن جيش إسرائيل وحده هو من سيقوم بالمهمة وجاهزية الخطط لدى الجيش، ويتوج كل هذا بحديث رئيس الأركان إيال زامير بأن الخط الأصفر قد يتحول لحدود دائمة بين غزة وإسرائيل.

وعلى الجانب الآخر أيضاً تظهر بعض المؤشرات الكابحة لدى حماس مثل رفضها لدور القوة الدولية داخل مناطقها، وحديث القيادي البارز عضو المكتب السياسي الأكثر فاعلية واتصالات خليل الحية بأن السلاح حق مشروع «خطة ترامب لوقف الحرب لا تعتبره كذلك» ويتبعه حديث الدكتور باسم نعيم عن تجميد أو تخزين السلاح والاستعداد للتفاوض حول المسألة «طبعاً الحركة لم تعد تملك أوراقاً تفاوضية» بعد المرحلة الأولى وحتى التفاوض بعد فقدانها للأوراق سيكون انعكاساً لتلك اللحظة التي تبدو فيها الحركة شديدة الضعف، وليس بإمكانها الموافقة على ما تطلبه إسرائيل وخلفها الولايات المتحدة وهو ضمان أمن إسرائيل وتسهيل مشاريعها القادمة.

لذا تبدو دعوة رئيس المكتب السياسي السابق للحركة خالد مشعل للولايات المتحدة لمفاوضات مع حماس خارج السياق الذي تريد الأطراف للمسار أن يتحرك خلاله، ومنفصلة عن واقع تغير في غير صالحها بعد السابع من أكتوبر بل استدعى مناخات تجريدها من كل شيء سلطة وسلاح وما تبقى من قوة، وليس تعزيزها أو الموافقة على بقاء حكمها لغزة.

وهذا فقط مرهون بموافقة إسرائيلية لتبرير السيطرة على أكثر من نصف غزة واستمرار الزحف غرباً، فإسرائيل تعرف أكثر من غيرها أنه لم يبقَ سلاح مهدد في حوزة حماس، لا صواريخ ولا أسلحة ثقيلة والأنفاق هي مجرد حالة هروبية دفاعية للاختباء وليست حالة هجومية.

المسألة التي باتت تزعج الولايات المتحدة والوسطاء هي نتائج اجتماع الدوحة الذي حضره ممثلون عن أكثر من ثلاثين دولة لمناقشة موضوع القوة الدولية ومهماتها وصلاحياتها، ليتفق المشاركون أن قواتهم لن تقوم بالاصطدام لا مع حماس ولا غيرها ولن تتكفل بمهمة نزع سلاح حماس والفصائل، وهذا خلق عقبة بالنسبة للولايات المتحدة التي تداعت لعقد اجتماع ميامي للحديث مع الوسطاء للضغط على حماس للموافقة على تسليم سلاحها كمسألة متفق عليها في الخطة دون الحاجة للقيام بذلك عبر قوات أخرى.

ولكن ما بين الرغبة الأميركية الإسرائيلية بتسليم سلاح حماس ورغبة حماس بتجميده هوة كبيرة كيف ستتمكن الأطراف من ردمها؟.

ماذا سيقول نتنياهو لترمب في اللقاء القادم فبعد كل لقاء يحدث حدث كبير.

ما الذي ينتظر بداية العام ؟ لبنان ؟ ممكن ... غزة تحتمل الانتظار فهي محاصرة، وإن كان الرئيس الأميركي بات يستعجل استثمار «شروق الشمس» والذي يتطلب نجاح المرحلة الثانية والتي تتطلب نزع سلاح حماس وهكذا عدنا للمعادلة الصفرية.

ليس هناك مخرج سوى قطع الطريق من خلال حل فلسطيني وتسليمه للسلطة أو من تبقى من عناصر شرطتها وتخلص حماس منه قبل أن يطلب منها الوسطاء ذلك، حتى لا تصل الحركة للحظة التي تهدد هويتها ووجودها.

فالسلاح بالنسبة لها مسألة هوية وليس فقط وسيلة قتالية، أما أن تعتقد أن لديها مساحة مناورة يمكن أن تؤدي لمفاوضات تنتهي بموافقة الأطراف على بقاء سلاحها فهذا حلم ولكنه ليس واقعياً، بل يمكن أن يزيد التكلفة ويطيل معاناة الغزيين.

نقلاً عن الأيام..