اليوم الخميس 24 إبريل 2025م
عاجل
  • قوات الاحتلال تقتحم بلدة بيت أمر شمال الخليل
  • طائرات الاحتلال تقصف منزلا في الشارع الثالث بحي الشيخ رضوان شمال غرب مدينة غزة
  • وسائل إعلام يمنية: عدوان أمريكي بـ6 غارات يستهدف منطقة براش شرقي جبل نقم في العاصمة صنعاء
  • الهلال الأحمر: مصابان برصاص قوات الاحتلال المقتحمة لبلدة عين البيضا بمحافظة طوباس
  • وسائل إعلام يمنية: غارات أميركية تستهدف العاصمة اليمنية صنعاء
قوات الاحتلال تقتحم بلدة بيت أمر شمال الخليلالكوفية طائرات الاحتلال تقصف منزلا في الشارع الثالث بحي الشيخ رضوان شمال غرب مدينة غزةالكوفية وسائل إعلام يمنية: عدوان أمريكي بـ6 غارات يستهدف منطقة براش شرقي جبل نقم في العاصمة صنعاءالكوفية الاحتلال يفرج عن الأسير المحرر موسى العجلوني بكفالة ماليةالكوفية أهالي بلدة اليامون يشيعون جثمان الشهيد الطفل أبو الهيجاالكوفية الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ88الكوفية إصابة 8 مواطنين وحرق 3 منشآت زراعية في اعتداء مستوطنين على سنجل شمال رام اللهالكوفية إصابة شاب برصاص الاحتلال خلال اقتحام المساكن الشعبية شرق نابلسالكوفية شهيد برصاص الاحتلال في بلدة اليامون غرب جنينالكوفية بن غفير يدعو لقصف مخازن الأغذية والمساعدات في قطاع غزةالكوفية "الكابينت" يجتمع الخميس لبحث تصعيد الحرب في غزة ومنع دخول المساعدات الإنسانيةالكوفية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا: إسرائيل ملزمة قانونيا بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة دون عراقيلالكوفية أبو الغيط: صمت العالم عن حرب الإبادة في غزة وصمة عار في جبين الإنسانيةالكوفية الجبهة الديمقراطية تعلن الانسحاب من اجتماع المجلس المركزيالكوفية أونروا: سكان غزة يواجهون أسوأ أزمة إنسانية بسبب الحصار المستمرالكوفية الدفاع المدني: الاحتلال تعمد دفن مسعفين رفح في قبر جماعي بعد استشهادهمالكوفية الهلال الأحمر: مصابان برصاص قوات الاحتلال المقتحمة لبلدة عين البيضا بمحافظة طوباسالكوفية تحذير من تفاقم الأوضاع الصحية للأطفال المرضى في قطاع غزةالكوفية الهمص لـ "الكوفية": الاحتلال يسعى لوقف الخدمات الطبية والإغاثية في قطاع غزةالكوفية وسائل إعلام يمنية: غارات أميركية تستهدف العاصمة اليمنية صنعاءالكوفية

و«سنقطع هذا الطريق الطويل»

13:13 - 22 مارس - 2025
تحسين يقين
الكوفية:

ليس استئنافاً للحرب، بل استئناف للقتل، للذين تقدموا «بشهوة القتل»، كما وصفهم شاعرنا سميح القاسم، حيث ظل الوصف قائماً.
نحتار في وصف القتلة ووصف الحليف المزود بكل وسائل القتل الممكنة، لكننا نحتار أكثر في وصف كل من يشاهد جرائم الحرب التي تبث بثاً مباشراً.
صار من الطبيعي والمعلن في دولة الاحتلال عدم وجود مبرر للقتل، وصار من المبرر قتل المدنيين الأبرياء وهدم البيوت فوق رؤوسهم، لمجرد استرضاء سياسي داخلي.
كيف سننام والطائرات فوقنا؟
..........................
ماذا يعني قتل الناس في بلادنا، وفي بلاد أخرى، في زماننا وأزمنة أخرى؟ هل القتل هنا يعني أنه يتم من أجل السلام مثلاً؟ وهل يمكن فعلاً أن ينجو القتلة من دم المقتولين؟
قتل عن بعد، من خلال أجهزة ذكية، في السماء كما في الأرض، فلا زمن حرب بين متحاربين، ولا زمن فرسان، إنه زمن من يسطون حتى على الأحلام، وزمن من يستكثرون على الناس الماء والنوم لساعات، كما ينام البشر.
هناك على ساحل بحرنا، وهنا على هذا الجبل، سنكره الطائرات كثيراً.
كان ذلك في منتصف الثمانينيات، حين اشتريت بما تبقى من مال ديوان محمود درويش «ورد أقل»، من بسطة كتب مقابل باب العامود في القدس. وحين بدأت بقراءته في الباص المتجه إلى قرى غرب القدس، اكتشفت أن هذا الشعر يختلف عما قرأته للشاعر، لكنني أحببته.
كنت أحاكي شعر محمود درويش، كنت تحت العشرين، فحين قرأت: «أيحتاجُ جُرْحٌ إلى شاعِرِهْ ليرسُم رمَّانةً للغُيابِ؟» كتبت: ولا تأخذ الشمس إذناً لترسم برتقالة عند المغيب. أحببت ما كتبته.
في المنطقة الجنوبية من القرية، كان يطيب لي الجلوس على مرتفع، لمشاهدة الكروم الخضراء، والاستماع للبلبل والسمر (الشحرور). أطلت طائرة هليكوبتر قادمة من الغرب، وكثيراً ما مرّت بأجواء البلد طائرات من علو. لكني شعرت بانقباضة في الصدر، لا أدري لم شعرت أن هذه الطائرة غريبة، كونها كلما اقتربت كانت إلى الأرض تصير أقرب. كنت أحمل دفتراً وقلماً، وأكتب، فإذا بها تحط فجأة على مسافة قريبة جداً، لدرجة أنني لم أستطع الركض بأي اتجاه. نزل من الطائرة عدد من ضباط الاحتلال يتحدثون، وبالطبع غير مبالين بذلك الفتى القرويّ، ولا برجل يرعى أغنامه هناك.
كنت أرى الأفق كيف مع انكسارات الضوء يظهر أشكالاً مختلفة، يمكن تأويلها، كما الشعر والرسم السريالي. حينما أولت الشكل برتقالة، إذا بالطائرة الكبيرة تحتل المشهد، فيتبعثر الرمان. دقائق وترتفع الطائرة من جديد، فيزول خوفي، فأعود مسرعاً إلى القرية.
وبالطبع حين سألني أهل البلد عن الطائرة، قلت لهم: هبطت ونزل منها ضباط يتحدثون ثم طاروا.. وأكملت في نفسي: وضاع البرتقال في المغيب.
كان ذلك في ربيع العام 1986 قبل الانتفاضة الأولى بعام، حين بقيت أردد مطلع قصيدة درويش «سأقطع هذا الطريق»، حيث يبدو أنني المولود العام 1967، سيكون في اللاوعي أن طريق التحرر طويل.
سأقْطعُ هذا الطَّريق الطويل، وهذا الطريقَ الطويلَ، إلى آخِرهْ
إلى آخر القلب أقطعُ هذا الطريقَ الطويلَ الطويلَ الطويلْ...
فما عدتُ أخسرُ غير الغُبار وما مات منِي، وصفُّ النخيلْ
يدُلُّ على ما يغيبُ. سأعبرُ صفّ النخيل. أيحتاجُ جُرْحٌ إلى شاعِرِهْ
ليرسُم رمَّانةً للغُيابِ؟
هنا، وفي ظل الغزو، وفي ظل ردود الأفعال والتحليلات، ألوذ بالشعر، نحتاجه لنبقى ونزداد قوة في البقاء هنا.
هي حرب على المسلحين، كما يقول الغزاة، ولكن في اليوم التالي نكتشف أن القصف كان على المدنيين، الذين يراد لهم تكرار الرحيل:
«سأبْنِي لكُم فَوقَ سَقفِ الصَّهيلْ
ثَلَاِثينَ نَافِذَةً للكِنَاية، فلتخرُجُوا مِن رَحيلٍ لكيْ تدخُلُوا فِي رحيلْ».
يلعب الغزاة بدمنا، يرضي رئيس حكومة الاحتلال أحزاب اليمين من خلال قتلنا، استرضاء لها. أما الولايات المتحدة فتريد قطفاً سياسياً يحقق مصالحها، حتى ولو تم قطف رؤوس البشر.
تمطر سماء قطاع غزة بأمطار الموت، فهل كان ذلك ضرورياً فعلاً أم أن الاحتلال أخيراً لم يعد يهمه، فلا يحتاج تبريراً للقتل. ويستمر القتل، ويمعن فيه.
«تضِيقُ بِنَا الأرضُ أَو لا تضِيقُ. سنقطعُ هذا الطَّريقَ الطَويلْ
إلَى آخر القْوْس. فلتتوتَّرْ خُطَانا سِهاماً. أَكُنَا هنا منذُ وقتٍ قليلْ
وعمّا قليلٍ سنَبلغُ سهمَ الِبدايِةِ؟ دَارت بِنَا الرِّيحُ دارتْ، فَمَاذا تقُولْ؟
أَقُولُ: سأَقطَعُ هَذا الطَّريقَ الطَّويلَ إِلَى آخِرِي... وإلى آخِرِه».
كلمات محمود درويش تمنحنا الأمل، ونحن من رحيل إلى رحيل، ولكن الآن هنا على الأرض لا خارجها.
للعقل مكان للعقلانيين فقط.
فإن كانت هناك نية للاحتلال، أو التهجير، فلن يفيد ذلك في حلّ الصراع، فما علمناه أنه كان هناك مجال لتسوية ما ترتكز على المقترح الأميركي. فلماذا يصرّ الاحتلال على لغة القتل؟
في كل قصف آلاف الحكايات، كل حكاية وحدها قادرة على إحياء الضمائر الميتة. غنت فيروز أن إخبار الناس عن «اللي صاير» يمكن أن يصحو الضمير. الآن ليس خبراً، بل يرونه بثاً مباشراً.
في الحروب، دوماً هناك مجال لتكون هدن بين المتحاربين، وما اتفاقيات الحروب على مدار التاريخ إلا تجلٍّ لتجنب قتل المدنيين، فما الذي يدفع دولة الاحتلال لهذا الفعل، لولا أنها ضمنت النجاة من المحاسبة.
ليس هناك ما يقال، بل صار عيباً مجرد القول، ما دام لا يتحول إلى فعل لوقف الحرب التي تمت على البشر وبيوتهم.
للحرب دوماً أهداف، ليس منها قتل المدنيين؛ فكل حرب تعني جلوس الطرفين للبحث عن مستقبل العيش، إلا إذا أريد لهم الرحيل فعلاً.
لا عقلانية اليوم هنا، ولا سلام. هي دعوة صريحة لاستسلام العرب والعجم والبربر والأمم الأخرى، ومن بينها أوروبا.
أما النوايا، فلا أظنها طيبة، كان ذلك على مدار مراحل الصراع، وليس انتهاء بغزو طائرة الهيلكوبتر فضاء قريتنا الوادعة ذات يوم، تلك التي سطت على أحلام فتى يتأمل في تشكيلات ألوان المغيب.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق