القدس المحتلة - قال ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح: "في الوقت الذي تُسحق فيه الإنسانية تحت وطأة الاحتلال العسكري، والإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والعنف البنيوي لنظام الأبارتهايد الإسرائيلي، يتجلّى الفن كمعمارٍ راسخ للذاكرة الوطنية وصمود الوعي الجمعي، مخلّداً الحقيقة في وجه محاولات المحو الاحتلالية."
ويضيف دلياني:"حين ترتفع لوحة 'غيرنيكا' لبابلو بيكاسو في قلب التظاهرات العالمية المتضامنة مع شعبنا، فإنها لا تُستدعى من ذاكرة الفن، بل من ذاكرة المجازر؛ فهي شهادة تشكيلية على همجية القصف النازي لمدينة غيرنيكا الاسبانية عام 1937، وتحولت اليوم إلى مرآة بصرية تعكس وجع غزة ومأساة شعبنا تحت وطأة الإبادة الجماعية. ما جسدته لوحة غيرنيكا بالرمز في القرن العشرين، تجسده غزة الآن بالدم والركام؛ حيث يُكتب تاريخنا المعاصر بجثث أطفالنا، وأنقاض منازلنا، وصمت المجتمع الدولي المتواطئ الذي يشاهد جريمة إبادة مكتملة الأركان تُنفّذ على الهواء مباشرة دون أن يرتجف له ضمير."
وتابع القيادي الفتحاوي: "حين تُباد أكثر من ٥٢ ألف روح فلسطينية بآلة الحرب الإسرائيلية، وحين يُجَوَّع مليون طفل وطفلة كأداة ضغط سياسي، وحين يُقتَلَع أكثر من ٩٠٪ من اهلنا بغزة من منازلهم بفعل القصف الجوي والأرضي، فإننا أمام سياسة إبادة جماعية في صُلب العقيدة العسكرية الاسرائيلية تجعل من الفرص الضئيلة للصمود والبقاء هدفاً للمحو."
وأكد دلياني أن ما يراه العالم بصمتٍ مخزٍ في غزة ليس فقط دماراً عمرانياً، بل هو دمارٌ دلالي؛ فاللون الرمادي لركام المنازل، والضباب السام للفوسفور الأبيض، ووجوه الأطفال المتحجرة، كلها تجسّد مشهداً مرعباً تُمارِس فيه الصهيونية أيديولوجيتها من خلال القتل الجماعي والتدمير.
وشدد المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح على أن الفن في فلسطين ليس تَرَفاً جمالياً، بل هو سلاحٌ نضالي يواجه الإبادة بالرواية، والمحو بالذاكرة، والقتل بالحقيقة. إن عودة 'غيرنيكا' إلى واجهة الضمير العالمي في التظاهرات الرافضة لجرائم الابادة الاسرائيلية تعكس تحوّلاً أخلاقيًّا عميقًا؛ فالرواية الفلسطينية ليست هامشاً، بل جزءاً مركزياً من البنيان الأخلاقي والذاكرة التاريخية للإنسانية.
